المعجم الصغير

 العودة لصفحة الإصدار الثالث

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التمهيد

الحمدُ للهِ الذى أَحَاطَ عِلْمُهُ بدقائقِ المخلوقاتِ، وَأَرْسَلَ رسوله بالهدى ودين الحقِّ واصطفاه بالآيات البينات، وَأَنْعَمَ على أُمَّتِهِ بِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيَّةِ اتصالِ الإسنادِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فكان ذلك مِنْ أَجْزَلِ النِّعَمِ وَأَعْظَمِ المَزِيَّاتِ، ونشهد أن لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ الْبَرُّ الرَّحِيمُ، سُبْحَانَهُ لَا تُحْصَى نِعَمُهُ، وَلَا يَتَنَاهَى كَرَمُهُ، ونشهد أن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ الْمَنْعُوتُ بِالْخُلُقِ الْعَظِيمِ، الْمَبْعُوثُ بِالدِّينِ الْقَوِيمِ والصراطِ المستقيمِ رحمةً للعالمين، وَحُجَّةً على الخلائق أجمعين، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطيبين الطاهرين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ.

أَمَّا بَعْدُ فلقد كان من فضل الله تعالى على هذه الأمة أَنْ قَيَّضَ لها مَنْ يحفظ تراثها الإسلامى الثمين فى كل عصر ومصر، بل مَنْ يحفظ دينها، فهذا التراث علم، وهذا العلم دين، فهو ميراث النبوة، ميراثٌ مجهودٌ عليه على مَرِّ العصور، بَدْءًا من تلقى النبى صلى الله عليه وسلم له، قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها «وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْىُ فِى الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا»[1] وكذلك فى عصر الصحابة رضى الله عنهم، قال البخارى «وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِى حَدِيثٍ وَاحِدٍ»[2].

ولم يكن تحصيلُهُ بعد عصرِ الصحابةِ رضوان الله عليهم أجمعين ضربًا من المصادفةِ أو الراحةِ وَالدَّعَةِ، وإنما كان بالسهر عليه، والسفر إليه، فَهَذَا مُصَنِّفُنَا الطبرانىُّ رحمه الله قد ظل يجول البلاد من أدناها إلى أقصاها باحثًا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوات طويلة قيل ستة عشر عامًا[3]، وقيل بقى مجدًّا مجتهدًا فى الرحلة بضعًا وعشرين سنة[4]، وقيل ثلاثًا وثلاثين سنة[5]، وهو القائلُ حين سُئِلَ عن سببِ كثرةِ حديثِهِ «كنتُ أنام على البوارىِّ[6] ثلاثين سنة»[7].

وقد كان نتاج هذه الرحلات المباركة مصنفات عظيمة خادمة لسنة النبى المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم كما سيأتى بيانه مفصلًا إن شاء الله تعالى.

وانطلاقًا من واجبِ جمعيةِ المكْنِزِ الإسلامىِّ فى الحفاظ على هذا التراث النبوى الكبير، والعناية به ونشره وتحقيق الكتب المعنية به تحقيقًا علميًّا متميزًا، واستكمالًا لمسيرتِهَا المباركةِ فى سبيلِ إنجازِ مشروعِ دَهْرِهَا التراثىِّ الإسلامىِّ العظيمِ «جمع جوامع الأحاديث والأسانيد وَمَكْنِز الصحاح والسنن والمسانيد» فإنها ليسعدها ويشرفها أن تُخْرِجَ للأمةِ الإسلاميةِ كتابَ «المعجمِ الصغيرِ» للطبرانىِّ محققًا على تسعِ نسخٍ خطيةٍ، لِكُلٍّ منها ما يؤهلها للاعتماد عليها فى تحقيق نص الكتاب تحقيقًا علميًّا دقيقًا، منها سبع نسخ كاملة، كما أن منها سبع نسخ قَدْ تَفَرَّدْنَا بها بفضل الله تعالى، فَيُطْبَعُ عليها «المعجمُ الصغيرُ» لأول مرة، إضافةً إلى ذلك الاعتماد كذلك على مطبوعةِ الدكتور محمد شكور محمود الحاج أمرير، وعددٍ من المصادرِ المساعدةِ التى تُعَدُّ نسخًا فرعيةً من «المعجم الصغير».

هَذَا وَيُعَدُّ «المعجمُ الصغيرُ» سِفْرًا من الأسفارِ الماتعةِ، ففيه الكثيرُ من الفوائدِ والفرائدِ النافعةِ، كما سَنُبَيِّنُهُ فى موضعه من هذه المقدمة إن شاء الله رب العالمين.

وَقَدْ أَنْجَزَ هذا العملَ النافعَ نخبةٌ من الباحثين فى علوم السنة النبوية واللغة العربية تحت إشراف الأستاذ الدكتور/ أحمد معبد عبد الكريم أستاذ الحديث الشريف بجامعة الأزهر حاليًّا وبجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

واللهَ نسألُ التوفيق والسداد، ومنه نستمد العون والرشاد، فهو على كل شىء قدير، وبالإجابة جدير.

وتشتمل مقدمة هذا الكتاب على خمسة فصول وهى

  • الفصل الأول: وفيه التعريف بالإمام الطبرانى، حيث تناولنا فيه اسمه وكنيته ولقبه ونسبه ونسبته، ومولده وأسرته وصفاته وفضائله، وطلبه للعلم ورحلته فيه، وشيوخه وتلاميذه، ومؤلفاته ومكانته العلمية، وثناء أهل العلم عليه، ونقد بعض أهل العلم له، والذَّب عنه، ثم وفاته رحمه الله تعالى.
  • الفصل الثانى: وفيه التعريف بالمعجم الصغير للطبرانى، حيث تناولنا فيه معنى المعجم لغةً واصطلاحًا، وتسمية المعجم الصغير وصحة نسبته للإمام الطبرانى، ومكانته وأهميته وموضوعه، ومنهج الطبرانى فى تأليفه له، وعدد شيوخه فيه، وعناية أهل العلم به، وأهمية رواية كُلٍّ من ابن ريذه وابن شهريار له عن الطبرانى واشتهارهما، وأشهر نسخه برواية ابن ريذه وطبعاته السابقة، ومزايا طبعتنا.
  • الفصل الثالث: وفيه طبقات رواة المعجم الصغير للطبرانى، حيث ذَكَرْنَا فيه خمس طبقات منها مشفوعة بالرسم التخطيطى لها، وبيان اتصالها بالنسخ المعتمدة فى التحقيق.
  • الفصل الرابع: وفيه الوصف التفصيلى للنسخ المعتمدة فى تحقيق المعجم الصغير للطبرانى، وبيان رموزها المشار بها إليها فى التحقيق مرتبة حسب أقدميةِ نَسْخِها ثم حسب قوةِ النَّصِّ وسلامتِهِ فى كُلٍّ منها إجمالًا، حيث ذَكَرْنَا بيانات كل نسخة من حيث مصدرها وعنوانها وإسنادها، وعدد أوراقها وعدد أسطر صفحاتها وعدد كلمات الأسطر، وبداية النسخة ونهايتها، ونوع الخط واسم الناسخ ومكان النسخ وتاريخه، وحالة النسخة ومحتواها الإجمالى، وتوثيقاتها وبيان ما فيها من سماعات وبلاغات، وغير ذلك.
  • الفصل الخامس: وفيه بيان منهج العمل فى تحقيق المعجم الصغير للطبرانى، حيث ذَكَرْنَا فيه عدد النسخ المعتمدة فى التحقيق، وما تَفَرَّدْنَا به منها - بفضل الله تعالى - فَيُطْبَعُ عليها المعجمُ الصغيرُ لأول مرة، وذَكَرْنَا المصادر المساعدة التى استعنا بها فى توثيق الاختيارات، وأوضحنا كذلك منهجنا فى تحرير نص الكتاب وتحقيقه، ومعالجة فروق نسخه والترجيح بينها، وبَيَّنَّا طريقتنا فى تخريج الأحاديث.

۞۞۞

تقاريظ العلماء لهذا العمل

 لَقَدْ عُرِضَ المعجمُ الصغيرُ للإمام الطبرانى رحمه الله تعالى بتحقيقنا عرضًا تحكيميًّا على كوكبة من علماء الحديث واللغة فى عصرنا الحالى، وقد كانت نتيجةُ تحكيمِ هذه الكوكبةِ المباركةِ من العلماءِ لتحقيقِنَا هذا الكتاب القَيِّم متمثلةً فى أمرين:

  • أولهما: إبداء بعض الملحوظات التى أفدنا منها فى المراجعة النهائية له.
  • وثانيهما: اتفاق الجميع على صلاحيته للنشر بعد تلافى هذه الملحوظات اليسيرة مع تقريظهم له وثنائهم على المنهج العلمى المتبع فى تحقيقه واللجنة العلمية المشرفة عليه، سائلين الله تعالى دوام التوفيق والسداد لإخراج كتب السنة النبوية المشرفة كلها وفق هذا المنهج الرصين.

وهذا بيانٌ بِمَا أُرْسِلَ ضمن خطابات التحكيم والتقريظ:

۞الأستاذ الدكتور نور الدين عتر رحمه الله تعالى۞

حيث كتب حفظه الله تعالى ما نصه «لقد اطلعتُ على منهج العمل فى المعجم الصغير للطبرانى، وعلى قِسْمٍ مِمَّا أُنْجِزَ تحقيقُهُ منه، فخلصتُ إلى أن العملَ مُهِمٌّ لخدمته مصدرًا من مصادر الحديث النبوى المسندة، ولا سيما المعجم الصغير لكونه أحدَ المصادرِ الستةِ الأولى من مجموعات الزوائد على الستة، وغير ذلك من مزايا، كما أن المنهج المتبع فى تحقيق المعجم الصغير منهج متكامل ودقيق، حيث إنه يحيط به من جميع جوانبه كما هو واضح، فقد بُنِىَ على جمع كل ما وُجِدَ من مخطوطاته، وليس هذا فحسب؛ بل أضاف إليها : مؤلفات الطبرانى الأخرى، ومراجع تتفرع من المعجمِ الصغيرِ، وكتبِ الطبرانىِّ الأخرى، وكتبًا يروى أصحابُهَا عن الطبرانى مباشرة، وكتبًا يروى أصحابُهَا من طريق الطبرانى، وعلى الرغم من أن منهج التحقيق قد اختار إثبات ما هو الصواب أو الأصح فى صلب الصفحة وإثبات الفروق فى الحاشية - وهو طريق خطر وعر - لكنى لم ألحظ فيما وقفتُ عليه ما يُسْتَدْرَكُ من هذه الجهة، وَمِنْ ثَمَّ وجدتُ العمل متقنًا ومتطابقًا مع المنهج المطروح للتحقيق، وما كان من ملحوظات فهى يسيرة فى جنب ضخامة العمل وتعدد جوانبه».

۞الأستاذ الدكتور عبد المجيد محمود حفظه الله تعالى۞

حيث كتب حفظه الله تعالى ما نصه «قد قرأتُ هذا الجزء قراءة متأنية، وَسَرَّنِى ما لمستُهُ من دقة فى التحقيق، وعناية فى إثبات الفروق بين النسخ مع كثرتها واختيار أوفقها للسياق أو ما اتفق عليه معظمها، وضبط النص وشرح ما يُسْتَغْرَبُ من معانيه، والرجوع إلى كتب التراجم لتعيين ما يشتبه من الأسماء والكنى والألقاب، والتنبيه على مواضعها، إلى غير ذلك مما يُعْتَنَى به فى التحقيق، ولا شَكَّ أن طول الممارسة فى عملٍ مَا ينتج مزيدًا من الخبرة والإتقان، فَيَتَجَلَّى فى العمل رونقُ الإجادةِ والإحسانِ، وهكذا شأن محققى جمعية المكنز الإسلامى ولله الحمد، لهذا كانت ملحوظاتى على العمل فى هذا الجزء قليلة.

۞الأستاذ الدكتور رفعت فوزى حفظه الله تعالى۞ 

حيث كتب حفظه الله تعالى ما نصه «التحقيق جيد ويمتاز بالمقابلات الجيدة وإثبات الفروق بين النسخ المباشرة وغير المباشرة، كما يمتاز بالضبط التام والخلو من الأخطاء المطبعية».

۞الأستاذ الدكتور قاسم على سعد حفظه الله تعالى۞

حيث كتب حفظه الله تعالى ما نصه «لقد تَبَيَّنَ لى بعد قراءتى لهذا العمل من أوله إلى آخره مع الاستظهار المتتابع بنسخة ز1 التى تفضلتم بإرسالها إِلَـىَّ، مدى الدقة العالية فى تحرير الفروق بين النسخ، وحسن القراءة للمخطوط مع الضبط الدقيق للمتن، ولا سيما الأعلام والتحرير للحواشى، ولا يَتَأَتَّى ذلك إلا بالجهد الجليل والصبر الجميل».

۞الأستاذ الدكتور فيصل الحفيان حفظه الله تعالى۞

حيث كتب حفظه الله تعالى ما نصه «قد شرفت بتكليفكم لى بالمشاركة فى فحص وتقويم المعجم الصغير للطبرانى، وإنى أُنَوِّهُ بالجهد العلمى الواضح المبذول فى التحقيق، وفى المنهج العلمى المرسوم له، ذلك أنه مُسْتَوْفٍ لجميع العناصر التى يحتاجها النص الحديثى حتى يخرج بالصورة العلمية والمنهجية المرجوة، فقد وجدتُ من واقع مراجعتى للنص المحقق أَنَّ ثَمَّ جهدًا واضحًا فى تطبيق المنهج العلمى المرسوم لتحقيق النص، وقد تَجَلَّى ذلك فى أمرين رئيسين:

أولهما: سلامة النص بصفة عامة، فَقَدْ جَرَى إثباتُهُ وتحريرُهُ تَبَعًا لمنهج التوفيق بين النسخ، وهو اختيار حسن، وضُبِطَ أَيْضًا ضبطًا كاملًا وهو أمر جيد.

والأمر: الثانى كفاية التعليقات فى الحواشى، وذلك من جهتين: جهة الدقة فى إثبات الفروق بين النسخ، وجهة الإحسان فى الصياغة ورشاقة تحرير الحواشى، والحرص على تفسير الغريب، والتعريف بما يحتاج تعريفًا من أعلام وأماكن ونحوها، واللهَ أسألُ أن يوفقكم وأن يُسَدِّدَ على طريق الخير وخدمة السنة خُطَى الجمعية وخطاكم».

۞۞۞

مزايا طبعتنا هذه من المعجم الصغير للطبرانى

 لقد اجتمع بفضل الله تعالى فى هذه الطبعة من المعجم الصغير للطبرانى بتحقيقنا العديدُ من المزايا ومن أهمها ما يلى

  • وفرة النسخ الموثقة لدينا أكثر مما توافر فى الطبعات السابقة، فلم يسبق أَنْ حُقِّقَ المعجمُ الصغيرُ على مثل هذا العدد من الأصول الخطية التى اجتمعت عندنا، والتى تبلغ فى مجموعها تسع نسخ خطية موثقة، منها سبع نسخ كاملة، كما أن منها سبع نسخ قَدْ تَفَرَّدْنَا بها بفضل الله تعالى، فَيُطْبَعُ عليها المعجمُ الصغيرُ لأول مرة.
  • الاستعانة بعدد من المصادر المساعدة التى تُعَدُّ نسخًا فرعيةً من المعجم الصغير .
  • مقابلة النص فى النسخ الخطية التى اعتمدنا عليها بعضها ببعض، ثم بمطبوعة الدكتور محمد شكور محمود الحاج أمرير، وكذلك بالمصادر المساعدة.
  • معالجة فروق النسخ فى الهوامش وفق خطةٍ مُحْكَمَةٍ ومنهجٍ قويمٍ لا يُضَيِّعُ على القارئ شيئًا مما فى الأصول الخطية من الفوائد، وفى الوقت نفسه يجعله مطمئنًّا إلى اختياراتنا من خلال مقارنته بين ما أثبتناه فى المتن وما أودعناه فى الهوامش، واطلاعه كذلك على توثيقاتنا لتلك الاختيارات بتعليلات سديدة وتعليقات مفيدة مضيئة لنصوص الكتاب مجيبة عما ورد فيه من الإشكالات.
  • شرح الألفاظ الغريبة شرحًا مختصرًا مفيدًا.
  • تخريج أحاديث المعجم الصغير بالعزو إلى ما يوافقها من الكتب الستة وموطإ مالك ومسند أحمد، وربطها بالإحالة على ما يتفق معها ولو فى الصحابى من كتابى تحفة الأشراف وإتحاف المهرة.
  • استلزام المزايا السابقة الخلوص إلى هاتين المَزِيَّتَيْنِ:
  •  أ. توثيق النص وضبطه وشكله وخدمته بدقة وعناية فائقتين.
  • ب. التفرد بإثبات ترجيحات فى صلب الكتاب لم تَتَسَنَّ لغيرنا فى الطبعات السابقة للمعجم الصغير، وذلك من واقع النسخ الخطية التى اعتمدنا عليها، فلَقَدْ تَفَرَّدْنَا بإثبات ترجيحات فى صلب الكتاب لم تَتَسَنَّ على وجه الخصوص لطبعتى الدكتور محمد شكور محمود الحاج أمرير وكمال يوسف الحوت.

۞۞۞

منهج العمل فى تحقيق المعجم الصغير للطبرانى

 لَقَدِ اتَّبَعْنَا فى تحقيق المعجم الصغير للإمام الطبرانى منهجًا علميًّا دقيقًا كان قوامه ما يأتى

۞أ. حصرنا مخطوطات المعجم الصغير قدر استطاعتنا مما وقفنا عليه فى فهارس مخطوطات مكتبات العالم، ثم بذلنا غاية جهدنا للحصول على أوثقها، فوفقنا الله تعالى لجمع تسع نسخ خطية موثقة، وهى فى مجموعها كافية لتحقيق نص المعجم الصغير على أكمل صورة ممكنة، ولم يسبق أَنْ حُقِّقَ على هذا العدد من الأصول الخطية التى منها سبع نسخ كاملة، كما أن منها سبع نسخ قَدْ تَفَرَّدْنَا بها بفضل الله تعالى يُطْبَعُ عليها المعجمُ الصغيرُ لأول مرة[8]، وقد تَفَرَّدَتْ بعض هذه النسخ ببعض الأحاديث، وبعضها بعدد من الأحاديث، وقد أوضحناه فى وصف النسخ، وَقَدِ اعتمدنا كذلك على مطبوعة الدكتور محمد شكور محمود الحاج أمرير، ورمزنا لها بالحرف ط.

۞ب. استعنا - بجانب اعتمادنا على النسخ الخطية والنسخة المطبوعة فى توثيق الاختيارات -  بعدد من المصادر المساعدة التى تُعَدُّ نسخًا فرعية من المعجم الصغير، وخاصة فيما اختلفت فيه النسخ الخطية، وهذه المصادر هى الْمُصَنَّفَاتُ التى أخذت عن الطبرانى، وكذلك مصنفاته الأخرى، ويمكن تقسيمها على مجموعات على النحو التالى:

  • المجموعة الأولى: كتب جمعت زوائد المعجم الصغير وغيره على الكتب الستة، وهى مجمع البحرين فى زوائد المعجمين المعجم الأوسط والمعجم الصغير، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد، كلاهما للهيثمى، وقد استعنا بنسختين خطيتين موثقتين من مجمع الزوائد [9].
  • المجموعة الثانية: كتب الطبرانى الأخرى؛ مثل: المعجم الكبير، والمعجم الأوسط، ومسند الشاميين، والدعاء، ومكارم الأخلاق، وفضل الرمى، وجزء مَنِ اسمه عطاء.
  • المجموعة الثالثة: كتب يروى أصحابها عن الطبرانى مباشرة، وهى كتب أبى نعيم الأصبهانى؛ مثل: حلية الأولياء، ومعرفة الصحابة، وفضائل الخلفاء الراشدين، وصفة الجنة، وذِكْر مَنِ اسمه شعبة.
  • المجموعة الرابعة: كتب يروى أصحابها من طريق الطبرانى، وهى تاريخ بغداد للخطيب البغدادى، ومسند الشهاب للقضاعى، والأحاديث المختارة للضياء، وتهذيب الكمال للمزى، والأربعون البلدانية المخرجة من المعجم الصغير[10]، وجزء فيه ثلاثون حديثًا منتقاة من المعجم الصغير[11] كلاهما للذهبى، وغيرها.
  • المجموعة الخامسة: كتب تنقل الأحاديث عن المعجم الصغير بسنده ومتنه؛ مثل: الإمام لابن دقيق العيد، ونصب الراية للزيلعى، وجامع المسانيد والسنن لابن كثير.

ومن الجدير بالذِّكْر أن الرواية عن الطبرانى فى هذه المصادر كانت من طريق ابن رِيذَهْ وغيره، وقد انصبَّ اهتمامنا على كونها من طريق المُصَنِّفِ بسنده ومتنه، بغض النظر عن الراوى عنه.

۞ت. قابلنا النص فى النسخ الخطية المشار إليها بعضها ببعض، ثم بمطبوعة الدكتور محمد شكور محمود الحاج أمرير، وكذلك بالمصادر المساعدة السابق ذِكْرُهَا فى مواضع الحاجة، ثم عالجنا فروق النسخ تبعًا للمنهج التالى:

  1. أثبتنا فى صلب الكتاب ما اتفقت عليه جميع النسخ التى اعتمدنا عليها أو أكثرها ما دام صوابًا.
  2. إذا اتفقت أكثر النسخ على الخطإ وكان الصواب فى أقلها، فإنه يتم إثبات الصواب فى الصلب، مع الإشارة فى الهامش إلى غيره وبيان وجه الصواب.
  3. إذا انقسمت النسخ فى الصواب على وجهين أو أكثر، فإننا نثبت النص الراجح فى الصلب، ونذكر فى الهامش ما فى النسخ المخالفة له، ونذكر دليل الرجحان، ومن المرجحات التى نعتمد عليها فى إثبات النص ما يلى:
  • قوة النسخ حسب ترتيب قوتها السابق بيانه فى الفصل الرابع الخاص بالوصف التفصيلى لها فى المقدمة.
  • موافقة المصادر المساعدة المشتملة على نسخة من نصوص الكتاب.
  • موافقة روايات الحديث الأخرى الواردة فى كتب التخريج من طريق المصنِّف أو شيخه فَمَنْ فوقه فى الإسناد ثم المتن.
  • موافقة ترجمة الراوى فى كتب الرجال.
  • موافقة المشهور أو الصحيح فى لغة العرب.
  • علامات التصحيح والتضبيب فى المخطوطات.
  • غير ما سَبَقَ من طرق الترجيح الأخرى التى تُذْكَرُ عند كل حالة.

4. نبهنا على جميع فروق النسخة المطبوعة ولو كانت خطأ.

5. نبهنا على جميع الفروق بين النسخ الخطيةـ عدا اليسير منها غير المؤثر.

6. أثبتنا السند الذى يبدأ به الكتاب، وكذلك ديباجته الختامية من النسخة ز1.

۞ث. ضبطنا النص ضبطًا كاملًا سندًا ومتنًا، مع الاعتناء بِذِكْرِ ما وجدناه من الضبط فى النسخ الخطية التى اعتمدنا عليها، وإذا ما انفردت المطبوعة بفرق فى الضبط يُخالف النسخ الخطية فإنه لا يُنَبَّهُ عليه.

۞ج. شرحنا الألفاظ الغريبة شرحًا مختصرًا مفيدًا من خلال كتب غريب الحديث والشروح والمعاجم اللغوية.

۞ح. خرجنا أحاديث المعجم الصغير للطبرانى بتقديم المصدر المشتمل على المتابعة الأتم فالأقل وصولًا فى بعض الأحاديث للصحابى فقط، مع مراعاة الأقرب إلى لفظ الحديث وذلك من خلال عدة أمور:

  • عزونا أحاديث المعجم الصغير إلى مواضعها فى كتب الطبرانى الأخرى؛ مثل: المعجم الكبير، والمعجم الأوسط، ومسند الشاميين، والدعاء، ومكارم الأخلاق، وفضل الرمى، وجزء مَنِ اسمه عطاء.
  • عزونا الحديث إلى مَنْ أخرجه عن الطبرانى أو من طريقه؛ مثل: أبى نعيم والخطيب البغدادى وابن الجوزى وابن عساكر والضياء المقدسى والمزى والذهبى، وغيرهم فى مصنفاتهم.
  • عزونا الحديث إلى كتب الأطراف والزوائد التالية: تحفة الأشراف للمزى، وإتحاف المهرة والمطالب العالية كلاهما لابن حجر العسقلانى، وإتحاف الخيرة المهرة للبوصيرى، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمى، فقد ارتضينا هذه الكتب لربط أحاديث الموسوعة بعضها ببعض، فنذكر أسماءَها مختصرةً ثم نذكر رقمَ الحديثِ فيها، فتحفة الأشراف «تحفة»، وإتحاف المهرة «إتحاف»، والمطالب العالية «مطالب»، وإتحاف الخيرة المهرة «خيرة»، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد «مجمع».
  • ذكرنا تخريج الحديث تفصيلًا من كتبِ موسوعتِنا الحديثيةِ «جمعِ جوامعِ الأحاديثِ والأسانيدِ وَمَكْنِزِ الصحاحِ والسننِ والمسانيدِ» بإصداراتها الثلاثة، فنكتب «وأخرجه» ثم نذكر مَنْ أخرجه مِنْ أصحاب هذه الكتب ورقم الحديث فيها، ورمزنا لهذه الكتب بالحروف المعروفة لأصحابها
فللبخارى خ   ولمالك ك
ولمسلم م   ولأحمد حم
لأبى داود د   وللدارمى مى
وللترمذى ت   وللحميدى ح

وللنسائى فى المجتبى

س   وللدارقطنى قط

ولابن ماجه

ق   وللطبرانى فى المعجم الصغير طص
  • خصصنا «مَكْنِز المسترشدين» فى نهاية الكتاب لِذِكْر هذه الروابط والتخريجات مرتبة على النحو المذكور آنفًا مشفوعًا بفهرس المحتوى.

۞خ عملنا مقدمة علمية اشتملت على التعريف بالمصنِّف والمصنَّف وما يرتبط بهما.

 ۞۞۞

بيان رموز نسخ المعجم الصغير مرَتَّبة حسب قوة النص وسلامته فى كل منها إجمالًا

 

م الرمز الجهة
1. ز1

المكتبة الأزهرية برقم 983 خاص 10620 عام حديث

2.

ك

مكتبة الإسكندرية برقم 1100 ميكروفيلم 303 عن الأصل المحفوظ بمكتبة الإسكوريال أول برقم 1095

3.

م

معهد المخطوطات برقم 487 حديث عن الأصل المحفوظ بمكتبة مراد ملا برقم 602 حديث

4.

ث

معهد المخطوطات بالقاهرة برقم 486 حديث عن الأصل المحفوظ بمكتبة أحمد الثالث برقم 464 حديث

5.

ز2

المكتبة الأزهرية برقم 354 حديث

6.

ف

مكتبة فيض الله الملحقة بمكتبة مِلَّت بإستانبول بتركيا برقم 545

7.

ز3

المكتبة الأزهرية برقم 928 خاص 9031 عام حديث

8.

ع

مكتبة عاطف أفندى الملحقة بالمكتبة السليمانية بإستانبول بتركيا برقم 607

9.

ح

مجموعة عارف حكمت المحفوظة بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة برقم 338 (72/ 231)

10. ط المكتب الإسلامى ببيروت ودار عمار بِعَمَّان

 

 العودة لصفحة الإصدار الثالث

 

 

 



[9] وهاتان النسختان هما نسخة دار الكتب المصرية من مجمع الزوائد رقم 469 حديث بخط النسخ مكونة من عشرة أجزاء فُقِدَ منها الجزء الثانى والثامن نسخها أحمد بن محمد بن منصور بن هاشم الفوى وفرغ من نسخها سنة 807هـ وقد استعضنا عن الجزأين المفقودين بما يقابلهما من نسخة الظاهرية برقم 1043 ونسخة الأزهرية برقم 5627 بتاريخ نسخ سنة 861 هـ.

والنسخة المحمودية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة تحت رقم 461 حديث عدد الأوراق 315 ورقة نسخت سنة 1129هـ نسخها أحمد بن سليمان بن محمد بن الخليل بن أحمد الكازرونى وقد اعتمدنا عليها فى الأحاديث الساقطة من النسخ الأخرى.

وقد استعنا بهاتين النسختين فيما يتعلق بالترجيح بين فروق النسخ فى هوامشنا أما فيما يتعلق بتخريج الأحاديث فقد عزوناها إلى أرقامها فى مطبوعة دار الفكر ببيروت بتحقيق عبد الله محمد الدرويش.