مداخلة الشيخ معوض عوض إبراهيم على كلمة فضيلة مفتى الجمهورية

من أكابر علماء الأزهر الشريف

العودة لصفحة المؤتمر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأُصلي وأسلم على حبيب الرحمن، على خير خلق الله أجمعين، سيدنا محمد بن عبد الله، وبعد:

 فيسعدني أن أكون هنالك وراء القافلة الخيرة، التي تحدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينت لنا أن السنة النبوية المطهرة إنما هي جماع الدين بعد كتاب الله تبارك وتعالى.

والنبي عليه الصلاة والسلام مُبيِّن ومُبلِّغ عن الله عز وجل ما أوحى إليه من كتابه، وكلام النبي عليه الصلاة والسلام وحديثه كذلك من الوحي، وجلَّ الله الذي يقول: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}[سورة النجم الآية 3-4] .

وبعد أن نزل قول الله تعالى في سورة الشرح {ورفعنا لك ذكرك} [سورة الشرح الآية 4] . جاء جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: أتدري بما رفعت ذكرك؟ فقال النبي الحفي الوفي: الله أعلم. فقال له جبريل: إن الله عز وجل رفع ذكرك بأنه عز وجل لا يذكر إلا ذكر معه نبي الله ومصطفاه صلوات الله عليه.

ومرحبًا بمحبي رسول الله، يأتون من شتى الأقطار ومختلف الديار ليسهموا في ذلك اليوم، أو تلك الأيام الكريمة المباركة في بيان حاجتنا إلى سُنة النبي عليه الصلاة والسلام، ولا أريد أن أقول وليلقوا التراب في وجوه أولئك الذين كانوا يقولون: حسبنا كتاب الله. وهل كتاب الله تعالى إلا الوحي الأكبر الذي جاء في ضوئه ما علم الله تعالى مصطفاه؟

نعم، السنة النبوية هي التي أظهرت ما أُشْكِل، وفَصَّلت ما أُجْمِل، وأَجْمَلت ما فُصِّل، وبينت الحقائق على أجلى صورها، هل ذكر لنا القرآن الكريم أن المغرب ثلاث ركعات، وأن الصبح ركعتان، وأن العشاء أربع، وأن الناس يجهرون في الصبح والمغرب والعشاء، ثم لا يجهرون بعد ذلك في القراءة، الإمام لا يجهر بالقراءة، كل ذلك إنما بينه الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام.

ومرة أخرى أرجو ألا أطيل الكلام، فأنا أذكر أنني مرة من المرات كنت في الأردن، وأرسل لي بعض أصدقائي الدكتور عز الدين على السيد، الذي كان من أعمدة كلية اللغة العربية، والذي لقي ربه شهيدًا، فقد صلى العشاء في مسجد سيدنا رسول الله، فلما أتمَّ الصلاة وخرج إلى الشارع، إذا بسيارة - والعياذ بالله - تعجل إليه قضاء الله تبارك وتعالى، لقىَ الله شهيدًا.

والدكتور عز الدين على السيد كثيرون لا يعرفونه، وإنما أعرف فيه كل الأدب، وأعرف فيه القمة العلمية، فقد أرسل لي وأنا في الأردن، يا فلان، قد اشترينا لك بيتا يناسبك في شارع القفاص بالمطرية من مصر، وكان معه صديقنا رحمه الله تعالى أيضا، يقولون: أردنا أن يكون بيتك قريبا منا حتى تكون إمامنا، وحتى تكون شيخنا. فبعثت إليهم أقول:

أَيُّ شَيْخٍ أَنَا وَأَيُّ إِمَامِ   بَيْنَ عِزٍّ وَبَيْنَ عَبْدِ السَّلامِ

وأنا أقول ذلك لهؤلاء الذين ألبسوني ثوبًا يتسع لعشرات مثلي: أسأل الله تعالى أن يجزيهم عني خير جزاء، وأن يجعلهم دائما حُرَّاسًا على ثغور الإسلام.

وفي هذه الأيام التي يستمد فيها الأزهر مكانته وكرامته، بعد أن أصابه ما أصابه، وأنا سعيد عندما أنتهي إلى ذلك، فأذكر أنني كنت يومًا من الأيام في مجلس شيخنا العلامة الشيخ على سرور الزنكلوني، وكان يدرس لطلاب السنة الثانية في الكلية، وكنت أنا في السنة الأولى في الكلية، ولكني كنت أختار أتردد على شيوخي حبًّا في العلم، ورغبة في أن أستزيد وأستفيد من هذه القمم الخيرة.

وحمَّلنا الشيخ إجازته التامة لكل ما سمعناه عنه، ولكل ما كتبه وتركه من آثار، وأنا أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يبلغكم هذه الإجازة، وأنا أجيزكم بما أجازني به ذلك الشيخ الجليل إجازة تامة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأسأل الله تبارك وتعالى أن يمد في عون وأن يضاعف في عون الدكتور الشيخ الطيب، وأن يبارك في حياة علامة العصر ومفتي كنانة الله في أرضه ، وأن يجزيهما خير الجزاء، حتى يُعِيدا للأزهر مجده وعزه، وهما واجدان إن شاء الله آذانًا سميعة من ولاة الأمر. ومرة أخرى أسأل الله تعالى أن يجعلني ممن بلغ إجازة الشيخ على سرور الزنكلوني إليكم، وأنتم جميعًا ومن تلقون من أزواج، كما حدثني أخي الذي أتى من مدينة سيدنا رسول الله.

والحقيقة أن الأخوة الذين تحدثوا، إن كان الشيخ النائب المتحدث عن الإمام الأكبر، أو الأستاذ الشيخ أحمد هاشم، والأخوة الأجلاء كلهم قد شعشع حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثهم في قلبي، وجعلني أذكر أنني قلت يومًا:

فِي مَقَامِ النَّبِيِّ بَيْنَ رِحَابِهْ   يَجِدُ الْأُنْسَ مَنْ يَلُوذُ بِبَابِهْ
قَدْ بَلَغْتُ الْمُنَى وَأَسْعَدَ نَفْسِي   أَنَّنِي قَدْ دَنَوْتُ مِنْ أَعْتَابِهْ
وَاجْتَنَى الْقَلْبُ نُورَ أَحْمَدَ   فِي الرَّوْضَةِ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى مِحْرَابِهْ

 وسلام الله عليكم ورحمته يا محبى رسول الله، إن الله عز وجل يحبكم لأنه يحب مصطفاه، ولأنه يحب أحباب مصطفاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

العودة لصفحة المؤتمر