المتابعة عند المحدثين عرض وتمحيص

أ .د. سعيد محمد صالح صوابى

 أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين القاهرة - جامعة الأزهر

 العودة لصفحة المؤتمر 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى علَّمَ وفهَّم؛ وعلَّمَ الإنسان ما لم يكن يعلم، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذى بلَّغ عن اللَّهِ رسالاتِه؛ ونصح له فى برياته، وبعد: 

فهذا بحث لطيف فى جزئية من علوم الحديث عن المتابعة وأنواعها وفائدة كل منها للراوى والإسناد؛ وقد سميته «المتابعة عند المحدثين.. عرض وتمحيص» لينتفع به محققو الأحاديث النبوية بصفة خاصة؛ ويسترشد به جميعُ طلاب هذا العلم الشريف بصفة عامة.

وأرجو الله عز وجل أن يرزقنى الإخلاص فى هذا العمل، وأن يمن علينا بالقبول، وأن يجعله فى الدنيا من منارات الدين الواضحة؛ وفى الآخرة من مثاقيل الفضل الراجحة، وأن يصلى ويسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

المتابعات وأنواعها فى اصطلاح المحدثين

أجمعَ أهل الاصطلاح وغيرهم ممن اشتغل بدراسة الحديث وعلومه على أن المتابعة نوعان: تامة وقاصرة.

النوع الأول المتابعة التامة فى اصطلاح أهل الأثر: 

هى أن يوافق أحدُ رواة الحديث راويًا آخر من طبقته فيما رواه عن شيخه إلى آخر الإسناد والمتن بلفظه أو بألفاظ متقاربة، فإن وافق راوى الحديث أكثر من واحد عن شيخه؛ فهى متابعات تامة، مثل: ما رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه (ح30026) قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبى زرعة، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ».

فهذا الحديث متفرِّدٌ فى طبقاته الأربعة التى بين الإمام ابن أبى شيبة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا هو بسنده ولفظه عند الإمام أحمد فى مسنده (ح7167) حيث تابعَ الإمامَ ابن أبى شيبة عن شيخه: محمد بن فضيل.

ثم إذا نزلنا إلى طبقة أصحاب الكتب الستة؛ وجدنا فى صحيح مسلم أربع متابعات أخرى للإمامين ابن أبى شيبة وأحمد عن محمد بن فضيل بالإسناد واللفظ المذكور، فقد قال الإمام مسلم: «حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير وزُهير بن حرب وأبو كُريب ومحمد بن طَرِيف البجلى، قالوا: حدثنا ابن فُضيل...» بإسناده ولفظه (ح2694)، لكن الإمام البخارى حين أخرج الحديث عن شيخه «زُهير بن حرب» الذى هو شيخ مسلم أيضا، عن محمد بن فضيل بالإسناد نفسه: قدَّمَ وأخَّر فى آخر لفظ المتن، فتبين من ذلك أنه مروى فى صحيح البخارى بلفظ متقارب (ح6406) حيث قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم قَالَ «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ».

ثم أخرج للحديث متابعة سادسة عن شيخ آخر له هو قتيبة بن سعيد (ح6682) فقال: «حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ...» بالسند نفسه واللفظ المذكور أولاً عند ابن أبى شيبة.

ثم ذكر له متابعة سابعة، فقال فى آخر صحيحه (ح7563): حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ت قَالَ: قَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم «كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ».

كما أورد الترمذى متابعة ثامنة لابن أبى شيبة ومن وافقه إذ قال فى جامعه (ح3467): «حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ...» بلفظ ابن أبى شيبة.

ولا يخفى على الناقد البصير ما زاده شيخ الترمذى - يوسف بن عيسى بن دينار الزهرى، أبو يعقوب المروزى- من بيانٍ فى اسم أبى زرعة.

وأما الحافظ ابن ماجه؛ فقد أخرج الحديث عن شيخه أبى بكر ابن أبى شيبة وزاد له متابعةً تاسعة عن قرين شيخه "على بن محمد بن إسحاق الطنافسى" الذى قال فيه أبو حاتم " هو أحب إلىَّ من أبى بكر ابن أبى شيبة فى الفضل والصلاح، وهو ثقة " كليهما عن محمد بن فضيل، إذ قال فى سننه (ح3806): " حَدَّثَنَا أَبُوبَكْرٍ - يعنى ابن أبى شيبة - وَعَلِى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ... به ".

وزاد النسائى فى السنن الكبرى متابعتين (ح10666) حيث قال: «أخبرنا محمد بن آدم، عن محمد بن فضيل، ح وأخبرنا أحمد بن حرب، قال: حدثنا محمد بن فضيل... به».

وقال أبو يعلى الموصلى فى مسنده (ح6096) «حدثنا حسين بن الأسود، حدثنا ابن فضيل...به» بلفظ «كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان فى الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».

وحسين ابن الأسود هو الحسين بن على بن الأسود العجلى، أبو عبد الله الكوفى، نزيل بغداد، وقد ينسب إلى جده كما فعل أبو يعلى، قال أبو حاتم: صدوق، وضعفه ابن عدى وغيره، قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ كثيرًا، توفى 254هـ، وتلحظ أنه قدم وأخَّر بين جُمَل الحديث؛ فهو ضعيف إذا تفرد بالرواية؛ لكنه هنا يتقوى بمتابعة الثقات له، فيرتقى حديثه إلى الصحيح لغيره.

وقال ابن حبان فى صحيحه (ح831): «أخبرنا أحمد بن على بن المثنى– يعنى أبا يعلَى الموصلى- قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال حدثنا ابن فضيل..» بإسناده ولفظ ابن أبى شيبة المذكور أولاً، ثم ذكره فى موضع آخر بسندٍ فيه ضعف؛ لكنه يتقوى بالمتابعة التى قبله فقال «أخبرنا عزور بن إسحاق العابد بطرسوس، قال حدثنا العباس بن يزيد البحرانى - ضعفه الدارقطنى وغيره، وقال ابن أبى حاتم: محله الصدق، وقال الحافظ فى التقريب: صدوق يخطئ؛ لكنه يتقوى بالمتابعة التى قبله - قال حدثنا ابن فضيل.. به» بلفظ «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (ح841).

وقال الطبرانى فى الدعاء (ح1692) «حدثنا بشر بن موسى – يعنى البغدادى الحافظ-، ثنا محمد بن سعيد الأصبهانى، ثنا محمد بن فضيل.. به».

وقال البيهقى فى شعب الإيمان (ح591): «أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، أخبرنى أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا ابن فضيل.. به»، بلفظ ابن أبى شيبة المذكور أولاً، وأبو خيثمة شيخ الحسن بن سفيان فى هذا الإسناد هو كذلك شيخ البخارى ومسلم المذكور عندهما باسمه: زهير بن حرب؛ لكنه ذُكر هنا بكنيته: أبى خيثمة، كما ذكره من وجه آخر إلى الحسن بن سفيان... به فى كتاب: الأسماء والصفات (ح1043) بلفظ «كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان فى الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».

فتحصل بهذا أربع عشرة متابعة لابن أبى شيبة عن محمد بن فضيل.. بهذا الحديث، بل تزيد إذا انضم إليها ما عند أبى نعيم - صاحب الحلية- والبغوىِّ.

وبعض أولئك الرواة المتابعين لابن أبى شيبة منهم مَن هو ضعيف إذا انفرد؛ لكنه ارتقى بمتابعة الثقات له، فالإمام أبو يعلى أخرج الحديث فى مسنده من رواية شيخ ضعيف له هو: الحسين بن الأسود؛ إلا أن الحديث صحيح عنده عن شيخ آخر كما صرح به ابن حبان فى الموضع الأول للحديث.

كما لا يخفى على ذوى البصائر والنهى: أن الإسناد قد نزل طبقتين أو أكثر عند الأئمة ابن حبان والطبرانى والبيهقى؛ لتأخر وفاتهم فى القرنين الرابع والخامس الهجريين، ومَن راجع التخريج المتقدم عرف ذلك بكل وضوح.

النوع الثانى: المتابعة القاصرة أو الناقصة: 

وهى التى لا تكون للراوى المساوى له فى طبقته؛ وإنما هى التى تكون لشيخ ذلك الراوى أو لمن فوقه إلى الصحابى، وتزداد هذه المتابعة نقصًا أو قصورًا كلما قربت من الصحابى الراوى الأعلى للحديث، كما فى طرق الحديث المشهور الذى تواتر أوله؛ حيث رواه أكثر من مائتى نفس عن يحيى بن سعيد الأنصارى، ثم تفرد آخره فى طبقاته الأربعة من يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمى، عن علقمة بن وقاص الليثى، عن عمر بن الخطاب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنَّيَّاتِ...» الحديث.

فائدة المتابعات: 

فهذه المتابعات التامة والقاصرة فى اصطلاح المحدثين لا تفيد إلا الراوى وحده؛ حيث تقوى ضعفه وتكمل نقصه وترفع درجته، وتجبر ما فيه من خلل، وتكشف ما فى روايته من شذوذ أو علة أو ضعف أو نكارة؛ لكنَّ التفرد ما زال ملازمًا لبقية طبقات الإسناد، حتى لو لم يبق منه إلا طبقة التابعين؛ فإن بعضهم لم يسلم من طعن فيه.

 المتابعةُ التى تُعَزِّزُ الإسنَادَ وتُرَقِّيه

والذى أراه: أن المتابعة هى أول درجة وأدناها فى سُلَّم تقوية الحديث وترقيته؛ حتى ينتهى إلى أعلى الدرجات وأكملها وهى: التواتر، وسيتبين ذلك فيما يأتى بمشيئة الله تعالى. 

فالمتابعة التى تفيد الإسناد وترقِّيه وتقوِّيه هى متابعة إسنادٍ بإسناد آخر برواة غيرِ رواة الإسناد الأول؛ لكنهما يجتمعان على صحابى واحد يروى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم؛ وحينئذ تسمى متابعة تامة لانتهائها إلى الصحابى المُعدَّل بتعديل الله تعالى فى مثل قوله سبحانه {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا} [سورة الفتح، الآية 26] حيث حصلت المتابعة لجميع طبقات الإسناد التى يمكن أن يُوَجَّه النقد أو الطعن لبعضها.

مثال للمتابعة التامة فى الإسناد: 

قال الإمام مسلم فى أول كتاب الطلاق من صحيحه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِى حَائِضٌ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ...».

فهذه الطريق الأُولى للحديث تتكون من أربع طبقات بين الإمام مسلم وبين النبى صلى الله عليه وسلم، تبدأ من شيخ الإمام مسلم يحيى بن يحيى وتنتهى بالراوى الأعلى - الصحابى- عبد الله بن عمر.

ثم ذكر الإمام مسلم أربع متابعات إلى نافع مولى ابن عمر صاحب الطبقة الثالثة فى الطريق الأولى، فلم تعد الطريق الأولى متفردةً فى طبقتى: شيخ الإمام مسلم (يحيى بن يحيى) وشيخ شيخه (مالك بن أنس)، وهذه المتابعات الأربعة منها ما هو مساوٍ للطريق الأول يتكون من طبقتين، وهو المتابعة الأولى، ومنها ما هو نازل يتكون من ثلاث طبقات وهى الثلاثة المتبقية.

ثم ذكر الإمام مسلم بعد تلك المتابعات القاصرة التى ما زال التابعى – نافع مولى ابن عمر- متفردًا فيها: ثلاث متابعات أخرى إلى سالم بن عبد الله بن عمر، الذى صار مُتابِعا لنافع، عن عبد الله بن عمر، ثم ساق سندًا إلى عبد الله بن دينار ليصير مُتابِعًا ثانيًا مع سالم لنافع، ثم ساق خمسة أسانيد إلى أبى غَلاَّب: يونس بن جُبير البلاهلى؛ فأصبح متابِعًا ثالثًا.. عن ابن عمر، وثلاثة أسانيد إلى أنس بن سيرين؛ الذى صار مُتابِعًا رابعًا لنافع، عن ابن عمر، وإسنادًا واحدًا من طريق طاوس بن كيسان الذى صار مُتابِعًا خامسًا.. عن ابن عمر، وثلاثة أسانيد إلى كل من عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة، وأبى الزبير اللذين تم بهما سبع مُتابَعات لنافع، عن ابن عمر. (1) 

المتابعة القاصرة فى الإسناد: 

وأمَّا إذا وقفت المتابعة عند التابعى ولم تبلغ الصحابى؛ فإنها تكون متابعة قاصرة لتفرد التابعى فى الإسناد؛ وقد تُكُلِّمَ فى بعضهم، ثم يزداد نقص المتابعة وقصورها كلما بعدت عن عصر الصحابة؛ لكثرة الكلام فى المتهمين كلما انحدرنا عن القرون الفاضلة وهكذا، كما أن المرسل يتقوى بمرسل آخر إذا كان رجاله غير رجال المرسل الأول عند من قال به كالشافعى ومن وافقه.

مثال للمتابعة القاصرة فى الإسناد:

تأمل على سبيل المثال أول كتاب اللباس والزينة من صحيح مسلم (3/1634، 1635) تجد حديث أم المؤمنين أم سلمة فى جزاء من يأكل أو يشرب فى آنية الذهب والفضة حيث قال الإمام مسلم رحمه الله " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ «الَّذِى يَشْرَبُ فِى آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِى بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» (ح2065).

هذه الطريق الأُولى للحديث تتكون من ست طبقات بين الإمام مسلم وبين النبى صلى الله عليه وسلم، تبدأ من شيخ الإمام مسلم –يحيى بن يحيى- وتنتهى بالراوية العليا أم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها.

ثم ذكر الإمام مسلم سبع متابعات للطبقتين الأولى والثانية اللذين هما شيخه: يحيى بن يحيى، وشيخ شيخه: مالك بن أنس، فلا يقول أحد: إن الحديث من غرائب مالك، وهذه المتابعات منها ما هو عال يتكون من طبقتين: وعددها ثلاث، ومنها ما هو نازل يتكون من ثلاث طبقات وعددها أربع، وقد فَصَل الإمام مسلم بين كل متابعة من تلك المتابعات السبع برمز (ح).

ثم انظر إلى دِقَّة الإمام مسلم وتحريه وتمييزه لألفاظ رواة هذه المتابعات التى اجتمعت عند الإمام نافع صاحب الطبقة الثالثة فى رواية مالك الأولى للحديث، قال الإمام مسلم «..كُلُّ هَؤُلاءِ عَنْ نَافِعٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ نَافِعٍ، وَزَادَ فِى حَدِيثِ عَلِى بْنِ مُسْهِرٍ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ الَّذِى يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِى آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ» وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ذِكْرُ الْأَكْلِ وَالذَّهَبِ: إِلا فِى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ».

ثم ذكر الإمام سندًا آخر عاليًا يتكون من خمس طبقات، قد انتهت المتابعة فيه إلى التابعى: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر؛ صاحب الطبقة الخامسة فى الرواية الأولى للحديث، فكانت هذه المتابعة أتم من التى قبلها حيث استوعبت أربع طبقات من الرواية الأولى؛ لكنها لم تبلغ حد التمام والكمال، وبقى فيها شىء من القصور والنقص؛ لأن التابعى عبد الله بن عبد الرحمن راوى الحديث عن أم سلمة ما زال متفردًا لم يُتابَع، ودونك نصَّ هذه المتابعات كلِّها لرواية يحيى بن يحيى؛ الأولى: فتأملها: 

قال الإمام مسلم رحمه الله " وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وحَدَّثَنِيهِ عَلِى بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ)، عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَلِى بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِى، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (يَعْنِى ابْنَ حَازِمٍ)، عَنْ عبد الرَّحْمَنِ السَّرَّاجِ، كُلُّ هَؤُلَاءِ: عَنْ نَافِعٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ نَافِعٍ، وَزَادَ فِى حَدِيثِ عَلِى بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ الَّذِى يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِى آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ» وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ذِكْرُ الأَكْلِ وَالذَّهَبِ: إِلا فِى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ.

وحَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَعْنٍ الرَّقَّاشِى، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ (يَعْنِى ابْنَ مُرَّةَ)، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ شَرِبَ فِى إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِى بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ»  (2) .

الشواهد

فإن وُجِدَ صحابىٌ آخر قد روى متن الحديث باللفظ الذى رواه الصحابى الأول أو بمعناه فإنه يسمى اصطلاحًا: "شاهد".

وإليك نموذجًا جمع الإمام مسلم فيه بين المتابعات القاصرة والتامة والشاهد؛ حيث قال فى أول كتاب الحدود «حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) (قَالَ ابْنُ أَبِى عُمَرَ حَدَّثَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) عَنِ الزُّهْرِى، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ السَّارِقَ فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (ح1684).

فهذا الإسناد يتكون من خمس طبقات بين الإمام مسلم وبين النبى صلى الله عليه وسلم، والمُتأمِّلُ الحصيف: يلحظ أن الإمام مسلمًا رحمه الله قد روى هذا الحديث عن ثلاثة من شيوخه يُتابِـعُ بعضهم بعضًا؛ فتقوت طبقتهم، وبقيت سائر الطبقات الأربعة مُتفرِّدةً، ولا يَخفَى أيضًا دقة الإمام مسلم فى تعيينه للفظ المتن، وصيغة الأداء التى تحمل بها الحديث عن كل منهم، ثم ذكر أربع طرق إلى الزهرى تابَع فيها سفيانَ بنَ عيينة - صاحب الطبقة الثانية فى الإسناد الأول - كلٌّ من معمر بن راشد، وسليمان بن كثير، وإبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد الأيلى، ثم تَرقَّى الإمام مسلم فى متابعة الإسناد الأول فذكر طريقين آخرين إلى عَمْرَة بنت عبد الرحمن صاحبةِ الطبقة الرابعة فى الإسناد الأول، تنتهى الطريق الأولى منهما إلى: سليمان بن يسار عن عَمْرَة، وتنتهى الطريق الثانية إلى: أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن خالته عَمْرَة، ثم ساق إسنادًا جديدًا من طريقين إلى هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير؛ الذى صار متابِعًا لعمرة، فحصلت المتابعة التامة لحديث عائشة.

أرأيت! كيف ترقَّى الإمام مسلم من المتابعة القاصرة إلى المتابعة التامة، وهاكَ نصَّ هذه المتابعات فادْرِسْهَا. 

قال الإمام مسلم رحمه الله: وحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِى، بِمِثْلِهِ فِى هَذَا الْإِسْنَادِ.

وحَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ (وَاللَّفْظُ لِلْوَلِيدِ وَحَرْمَلَةَ) قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ «لا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلا فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».

وحَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِر ِوَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى (وَاللَّفْظُ لِهَارُونَ وَأَحْمَدَ) (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ)، أَخْبَرَنِى مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ».

حَدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَبْدِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النبى صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».

وحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِى عَامِرٍ الْعَقَدِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ مِنْ وَلَدِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ فِى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِى أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ وَكِلَاهُمَا ذُو ثَمَنٍ».

وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِى، وَفِى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَأَبِى أُسَامَةَ «وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو ثَمَنٍ».  (3) 

ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر ليعزز به حديث عائشة ويشهد له، فقال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَطَعَ سَارِقًا فِى مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ». (4) 

فحديث ابن عمر هذا قد نفى التفرد عن حديث عائشة، وصار به عزيزًا؛ فإن اجتمع عدد من الصحابة على رواية حديث واحد؛ فإنها تُسمَّى شواهد، ويزداد بها الحديثُ قوةً فيصبح مشهورًا، وإذا بلغ عدد الصحابة فى رواية الحديث الواحد حَدَّ الكثرة أو تجاوزوها؛ فإنه يرتقى إلى«المتواتر» وهو أعلى أقسام الحديث وأتمُّها وأكملُها.

وليس ذاك صنيع الإمام مسلم وحده؛ بل هو شأن جميع أئمة الحديث الذين صنفوا فى الأحاديث النبوية واعتنَوا بجمعها إسنادًا ومتنًا؛ من أمثال البخارى والترمذى والنسائى وابن حبان والدارقطنى والبيهقى.

ودونك مثالاً آخر لحديث مُخرَّجٍ فى غير الصحيحين عند بعض أولئك الأئمة: 

قال الإمام الدارمى: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لاَ عِلْمَ لِى بِهِ، أنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ: هَذَا هُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَيْمُونٌ الأَعْوَرُ. (5) 

وقال الإمام الترمذى: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِى حَمْزَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِى صلى الله عليه وسلم قَالَ «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ».

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِىِّ عَنْ أَبِى حَمْزَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ، وَهُوَ شَيْخٌ بَصْرِىٌّ. حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ، عَنْ أَبِى حَمْزَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ. (6) 

وقد روى الدارمى هذا الحديث عن: قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن ربيعة السُّوائى أبى عامر الكوفى، قال ابن معين: هو ثقة إلا فى حديث الثورى، ليس بذاك القوى، ثقة فى كل شىء، إلا فى سفيان، وقال النسائى: ليس به بأس، وقال الذهبى: صدوق، توفى سنة 215هـ. (7) 

وتابع الدارمى عند الترمذى: هناد وهو ابن السَّرِى، ثقة من شيوخ الستة، إلا البخارى فروى له فى خلق أفعال العباد.

ثم تابع قبيصةَ بن عقبة عند الدارقطنى فى السنن (3/7 ح18)، والحاكم فى المستدرك (المستدرك 2/6 ح2143): يعلى بنُ عبيد بن أبى أمية الكوفى، أبو يوسف الطنافِسىُّ. قال فيه ابن معين: ضعيف فى سفيان، ثقة فى غيره، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال ابن حجر: أحد الثقات، وما له فى الصحيحين عن سفيان الثورى شىء، وقد احتج به الجماعة، توفى سنة 209هـ. (8) 

فمتابعة يعلى بن عبيد لقبيصة بن عقبة، عن سفيان الثورى - لم تُقوِّه؛ لأن يعلى بن عبيد أضعف من قبيصة بن عقبة فى روايته عن سفيان، وإنما المتابعة التى صححت رواية كل منهما عن سفيان، هى التى نقلها الإمام الترمذى فى آخر الحديث المتقدم، حيث قال رحمه الله: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ، عَنْ أَبِى حَمْزَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

ثم إذا تجاوزنا طبقتى قبيصة وسفيان الثورى، نجد أبا حمزة قد ذُكِر فى أسانيد الحديث بكنيته، فاختَلف الأئمة فى اسمه؛ فقال الدارمى: هُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَيْمُونٌ الأَعْوَرُ. وميمون الأعور الكوفى: ضعفه أحمد، وقال: متروك الحديث. وقال الدارقطنى والجوزجانى: ضعيف جدًا، وقال ابن معين: ليس بشىء لا يكتب حديثه. (9) 

وقال الترمذى: أبو حمزة اسمه عبدالله بن جابر وهو شيخ بصرى.

وقال البزار: لا بأس به، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال ابن معين: ثقة روى حديثًا أو حديثين  (10)

وجزم فضيلة شيخنا المحقق الشيخ محمد عوامة - أن أبا حمزة هذا هو عبد الله بن جابر البصرى، وحكم على حديثه بالحسن؛ وذلك فى تحقيقه لأثر مقطوع أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه، قال: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا مالك بن مِغْول، عن أبى حمزة، عن الحسن، قال: «التاجر الأمين الصادق مع الصديقين والشهداء». قال: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: صدق الحسن؛ أو ليس فى جهاد ؟!  (11).

لكنى وجدت فى تهذيب الكمال فى ترجمة أبى حمزة ميمون الأعور الكوفى - أن مِن تلامذته الذين رووا عنه (مالك بن مغول) كما فى هذا الأثر عند ابن أبى شيبة. ومن ثم لما لم يترجح عندى أحدهما على الآخر لتساويهما فى الأخذ عن شيخ واحد (الحسن البصرى)، وأخذ عنهما تلميذ واحد: سفيان الثورى فقد ترجمت لهما رغم تفاوتهما فى الجرح والتعديل، والله أعلم.

ثم إذا ارتقينا إلى طبقة الحسن البصرى وجدنا أنه لم يسمع من أبى سعيد الخدرى كما قال الدارمى (لاَ عِلْمَ لِى بِهِ، أنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ)، كما جزم ابن المدينى فقال (الحسن لم يسمع من أبى سعيد). فروايته عن أبى سعيد منقطعة، فحينئذ: نحتاج إلى شاهد أو أكثر؛ ليتقوى به متن الحديث، فنجد شاهدًا من حديث عبد الله بن عمر عند ابن ماجه؛ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بْنُ جَوْشَنٍ الْقُشَيْرىُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّاجِرُ الأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(12) 

والطبرانى فى الأوسط من طريق محمد بن عبادة الواسطى، عن كثير بن هشام... به، بلفظ «التاجر الصدوق الأمين مع الشهداء يوم القيامة»، ثم عقَّب عليه بقوله: «لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا كلثوم بن جوشن، تفرد به: كثير بن هشام» (13).

والدارقطنى من طريق عَلِىِّ بْنِ شُعَيْبٍ وَالْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ... به، بلفظ: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَقَال الْفَضْلُ «مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»  (14).

والحاكم فى المستدرك من طريق محمد بن إسحاق الصغانى، عن كثير بن هشام... به، بلفظ «التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة» ثم قال: كلثوم هذا بصرى قليل الحديث، ولم يخرجاه، وله شاهد فى مراسيل الحسن أخبرناه على بن محمد بن عقبة الشيبانى، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزهرى، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا سفيان، عن أبى حمزة، عن الحسن، عن أبى سعيد الخدرى.. الحديث. ثم قال الذهبى معقبًا على حديث ابن عمر فى المستدرك: كلثوم ضعفه أبو حاتم، ونقل فى الكاشف قول أبى داود فى كلثوم: منكر الحديث (15)

ثم قال فى الميزان فى ترجمة كلثوم بن جوشن "وثقه البخارى، وقال ابن معين: لا بأس به. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال أبو داود: منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الأثبات؛ لا يحل الاحتجاج به. كثير بن هشام، حدثنا كلثوم بن جوشن، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا «التاجر الصدوق الأمين المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة».

لم يذكر ابن حبان له سواه، وهو حديث جيد الإسناد، صحيح المعنى، ولا يلزم من المعية أن يكون فى درجتهم " (16)

فقوله " هو حديث جيد الإسناد" فيه نظر؛ لأنه مال إلى تضعيف كلثوم أكثر من مرة، وأما قوله " وهو صحيح المعنى" فلعله يشير إلى مجموع شواهده الأخرى وإن كانت ضعيفة أسانيدُها كذلك، كحديث ابن عباس بمعناه عند ابن النجار والبخارى فى التاريخ، وحديث أنس عند الديلمى فى مسند الفردوس، والأصبهانى فى الترغيب (17).

والبيهقى من طريق محمد بن عيسى العطار، عن كثير بن هشام... به، بلفظ «التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة» ورُوِىَ ذلك عن الحسن، عن أبى سعيد، عن النبى صلى الله عليه وسلم (18).

فبهذا، لم يعد حديث أبى سعيد وحديث ابن عمر منفردًا؛ بل عزَّز كل واحد منهما الآخر وقواه، ثم إذا انضمت إليهم الشواهد الأخرى عن ابن عباس وأنس - صار الحديث مشهورًا، والله أعلم.

الاعتبار

فالبحث عن هذه المتابعات، وطلبُها والمقارنةُ بين رواة أسانيدها، وتتبعُ ألفاظِ كلٍّ منها - هو ما يُسمى عند المحدِّثين بالاعتبار.

فالاعتبار ليس قسيمًا للمتابعات والشواهد، وإنما هو أن يقصدَ المدققُ أو الباحث أو الناقد إلى حديث بعينه فيتتبع طرقه وأسانيده؛ ويجمع ألفاظه ثم ينظر فى ذلك، فيعرف هل تفرد به راوٍ واحد أو شاركه فيه غيره بالسند نفسه ووافقه فى لفظ المتن أو فى معناه.

 خاتمة

فَلْنُراعِ هذا فى دواوين الحديث التى اعتنى فيها أصحابها بجمع المرويات المُسنَدة، ولْنَنْسُجْ على منوالهم، فلا نُدوِّن شيئًا فى الحكم على الراوى أو المتن إلا بعد الجمع والنظر والنقد والتمحيص، إذ قد يُنسب الراوى إلى جده، فلا يَعرف حاله من يبحث عنه؛ فيحكم عليه بالجهالة، ثم يوجد فى متابعة أخرى مصرحًا باسمه واسم أبيه فيعرف. 

كما أخرج الدارقطنى فى كتاب الزكاة، باب زكاة الحلى (2/105، 106) حديثًا من طريق أبى نشيط، عن عمرو بن الربيع... به، وفى سنده محمد بن عطاء، قال عنه الدارقطنى "محمد بن عطاء هذا مجهول"، غير أن الحديث أخرجه أبو داود فى كتاب الزكاة، باب (الكنز ما هو؟). وزكاة الحلى (ح1565) عن محمد بن إدريس الرازى - يعنى أبا حاتم إمام الجرح والتعديل - عن عمرو بن الربيع.. به، وسمى محمد بن عطاء (محمد بن عمرو بن عطاء) وهو ثقة احتج به الجماعة (19)

ودونك نصَّ الحديث بإسناده عند الأئمة: 

قال الدارقطنى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو نَشِيطٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَطَاءٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَرَأَى فِى يَدَىَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟» فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ فِيهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ «أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟» فَقُلْتُ: لاَ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ «هُنَّ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ». مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ هَذَا مَجْهُولٌ. 

وقال أبو داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِىُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاء ٍأَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِى يَدَىَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ، قُلْتُ: لَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ. 

حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَعْلَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ الْخَاتَمِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ كَيْفَ تُزَكِّيهِ؟ قَالَ تَضُمُّهُ إِلَى غَيْرِهِ. 

وقال البيهقى فى السنن الكبرى: وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأ على بن عمر الحافظ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا محمد بن هارون أبو نشيط، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق، فذكره بمثله إلا أنه قال: إن محمد بن عطاء أخبره وقال فى الحديث (فتخات من ورق)، قال على بن عمر: محمد ابن عطاء هذا مجهول، قال الشيخ هو محمد بن عمرو بن عطاء، وهو معروف. وقد ذكر السيوطى فى إحدى فوائده أن جماعة من الحفاظ جهلوا قومًا من الرواة لعدم علمهم بهم، وهم معروفون بالعدالة عند غيرهم  (20).

وعليه: فيجب على العاملين بحقل السنة المطهرة مراعاة الدقة والأناة قبل إثبات الراوى والحكم عليه؛ فإن هناك أسبابًا عديدة كثيرة أخرى لا يتسع المقام لذكرها الآن، تؤدى إلى الخلط بين الرواة واللبس فى الحكم عليهم.

وصفوة القول: أن المتابَعات المُدوَّن تعريفها فى كتب علوم الحديث ومصطلحه تقوى الراوى وحدَه دون سائر طبقات الإسناد، والحق أن صنيع المحدثين فى مصنفاتهم يقرر أن المتابعة هى أدنى مراتب تقوية إسناد الحديث، وأنها تبدأ بالمتابعة الناقصة التى يوافق فيها الراوى قرينَه فى روايته، ثم تزداد هذه المتابعات قوةً كلما اقتربت من أصحاب القرون الفاضلة، فإذا وصلت إلى التابعى راوى الحديث عن الصحابى؛ فحينئذ تكون متابعةً تامةً كاملة، ثم تليها فى الرُّقِىِّ؛ الشواهد التى يتقوى بها متن الحديث، فيرتفع بها عن الغرابة والتفرد إلى العزة والشهرة والتواتر، وبهذا يصل الحديث بسنده ومتنه إلى أسمى درجات الرُّقِى والقوة، قال تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام، الآية 90] 

وكما بدأنا بالحمد نختم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

العودة لصفحة المؤتمر   

 ـــــــــــــــــــــــــــــ

  1 - راجع طرق الحديث وألفاظه فى صحيح مسلم (2/1093: 1098)، الحديث رقم (1471 الروايات من 1 إلى 14).

  2 - ح 2065 الروايتان 1، 2.

  3 - ح 1684، 1685 الروايات من 1 إلى 5.

  4 - ح 1686 3/1312: 1314.

  5 - سنن الدارمى 2/322 ح 2539.

  6 - جامع الترمذى ح 1209.

  7 - ميزان الاعتدال 1/383، 384، والتهذيب 8/347، 348.

  8 - طبقات ابن سعد 6/275، والتهذيب 11/402، 403، وهدى السارى 454.

  9 - التهذيب: 10/395، 396. 

  10 - التهذيب: 5/167. 

  11 - المصنف 11/637، 638 ح 23547. 

  12 - سنن ابن ماجه ح 2139. 

  13 - المعجم الأوسط 8/192 ح 7390. 

  14 - سنن الدارقطنى: 3/7 ح 17. 

  15 - المستدرك: 2/6 ح 2142، والكاشف 3/10. 

  16 - الميزان 3/413. 

  17 - ينظر: كشف الخفا ومزيل الإلباس للعجلونى 1/249، والجامع الصغير للسيوطى 1/230. 

  18 - السنن الكبرى للبيهقى 5/266 ح 10416. 

  19 - ينظر: التعليق المغنى على الدارقطنى2/106، والتقريب 2/196.

  20 - ينظر: تدريب الراوى1/320.