مداخلات السادة الحضور حول الجلسة
العودة لصفحة المؤتمر
المداخلة الأولى : سؤال من أحد السادة الحضور
أحيانا نقرأ فى بعض الكتب من يعترضون على بعض المحققين الذى يثبتون التعليقات أو التصويبات فى أصل الكتاب، وقد رأينا عددًا من المحققين المعاصرين ينحنون مثل هذا النحو بأنهم يثبتون تصويباتهم فى أصل الكتاب، أمثال الشيخ عبد الفتاح والدكتور سليمان وعدد من المحققين الكبار، فما الصواب فى ذلك؟
***
المداخلة الثانية : من د. إيمان محمد عزام
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
سؤالى للدكتور عبد المجيد، كانت لى تجربة فى التحقيق عندما أعددت رسالة الدكتوراه وحققت فيها كتابًا عنوانه "أحكام النساء" مؤلفه هو ابن العطار تلميذ الإمام النووى، والكتاب موجود بدار الكتب المصرية، حجمه معقول وهو كامل وخطه واضح، ولكنه نسخة وحيدة ومسجل باسم ابن الغبار وليس ابن العطار، ولا يوجد بين المؤلفين هذا الاسم وخاصة أنه فى الفقه الشافعى، ولذا انصرف عن تحقيقه الناس، ولكن بفضل الله أولا، ثم بمساعدة أساتذة كثيرين استطعت أن أصل إلى اسم المؤلف وأنجزت التحقيق، واعتمدت منهجًا فى التحقيق أريد أن أستوثق منه ثم يتبعه سؤال.
فى هذا المنهج فرقت بين الخطأ الوارد فى المخطوطة، إذا كان مرجعه إلى المؤلف أو إلى الناسخ، فأحيانا ينتقل نظر الناسخ وهو يكتب إلى سطر آخر بسبب تكرار عبارة فى سطرين متتاليين، وأعرف موضع السقط إن كان فى آية أو حديث أو قول صحابى إلى غيره، حتى إنه عندما نسخ عثمان البتى كتبها عثمان النبى، وأضاف بعدها : صلى الله عليه وسلم. فى هذه الحالة وعندما عرفت موضع الخطأ أثبتُّ الصحيح فى أصل الكتاب.
وأنا الآن بصدد كتابة بحث عن القرائن والعلامات التى تدل المحقق ليعرف الخطأ الموجود إن كان منسوبًا إلى المؤلف أو منسوبًا إلى الناسخ. وإن تبين أن الخطأ راجع إلى ناسخ الكتاب ؛ فرأيى الشخصى أن يثبت الصواب فى أصل الكتاب ويشير فى الحاشية. وإن كان المؤلف هو المسئول عن الخطأ وتبين ذلك بالدليل وليس بالظن أو الحدس، فلو ترون أن وجهة النظر هذه صحيحة أو مقبولة أكملت بحثى على هذا المنوال وإلا توقفت، أرجو الإفادة.
***
المداخلة الثالثة : من د. حكيمة حفيظى
أستاذ الحديث بجامعة الأمير عبد القادر بالجزائر
بداية أشكر الأساتذة الأفاضل فى الجلستين على ما قدموه من معلومات قيمة، والذى توصلت إليه من خلال استماعى لهذه المحاضرات أن السلف الصالح بذلوا جهودًا معتبرة فى التحقيق إن صح التعبير أو فى وضع القواعد، وهذه القواعد لعل بعضها لم يكن متحدًا فى وحداته الموضوعية، فقد كان منتشرًا فيما كتب فى أنواع متعلقة بعلم الرواية خاصة، لهذا أتوا إلى التأليف فى تنظير التقليد للتحقيق فى علوم السنة بصفة خاصة وعلوم الشريعة بصفة عامة.
ولهذا أدعو جمعية المكنز الإسلامى وعلى رأسها أستاذنا الدكتور أحمد معبد لعقد ندوة أو ملتقى يجمع الباحثين فى هذه المسألة لينظروا أو يُقَعِّدُوا كتبًا تسهل على من يُريد أن يحقق كتب السنة أو العلوم الشرعية الأخرى، تصب فى هذا المنحى.
***
المداخلة الرابعة : رد أ.د. فيصل الحفيان
أستاذ علم المخطوطات ومنسق البرامج بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم، المشكلة الآن أننى أظن أن حال الكتب المؤلفة فى التحقيق تحتاج إلى إعادة نظر، وتحتاج إلى ورشة عمل يجتمع فيه متخصصون ليناقشوا كل ما يتصل بالتحقيق، خاصة ما يتصل بالاحتمالات أو المفاضلات ؛ ما مدى جدواها ومدى مصداقيتها، لكن النقطة المهمة التى أشارت إليها د حفيظى - والتى تنسجم مع أثرته - أننا قد يمكن أن نصنع كتابًا فى إجراءات التحقيق التى تسلتزمها السنة وكتب السنة، فهذا يمكن أن يستقل بكتاب نظرًا لخصوصية هذا المجال المعرفى وتقاليده المعرفية وتقاليده الخاصة.
هناك أمر آخر، إن كتب التحقيق التى نعرفها الآن كلها تتسم بالطابع التنظيرى الإنشائى، وأنا أظن أننا الآن بحاجة إلى أن ننشئ كتابًا قانونيًا فيه مواد، هذه المواد هى التى تضع الاحتمالات قائمة أمام من يمارس مهنة التحقيق، هو لا يريد كلامًا إنشائيًّا، بل يريد كلامًا عمليًّا مثل : [فى حالة كذا افعل كذا. وإذا لم تجد كذا فافعل كذا ] أى نصوغ كتب التحقيق جميعًا بهذا الشكل، وهذه فكرة مطروحة عندنا فى معهد المخطوطات أتمنى أن نوفق فيها.
***
المداخلة الخامسة : أ.د أحمد معبد
أمين المؤتمر - أستاذ الحديث بجامعة الأزهر - والمشرف العلمى على مشروع السنة المشرفة بجمعية المكنز الإسلامى
بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة لهذه القضية أتفق مع ما طرحه الدكتور فيصل تمامًا، وهو من هو فى هذا المجال، ومعنا الآن زملاء كبار من كبار المحققين خاصة لكتب الحديث، منهم الأستاذ الدكتور بشار وفضيلة الشيخ محمد عوامة وفضيلة الدكتور نور الدين عتر والدكتور زين العابدين، ووجود هذه الكوكبة مكسب كبير للمؤتمر، وإذا تركت أسماء أخرى فليس ذلك إلا لأن هؤلاء - فى نظرى - هم ممن يُحقِّقُون على منهج الدكتور فيصل ، وتكلمتُ عن القضية نفسها مع الدكتور بشار أمس، وهى أنه قد يترك الخطأ كما هو وذلك إذا استطعنا أن نحصل على نسخة أخرى بخط المؤلف نفسه أو نتأكد أنها قُرئت عليه، وهذه هى أقرب الافتراضات التى يمكن البناء عليها، أن نترك الخطأ وفى كل الحالات نضع تنبيها فى الحاشية، إلا أن هناك شيئًا قد صادفنا مع بعض زملائنا أثناء تحقيق بعض الكتب، وهو أن المؤلف أحيانًا تكون له إبرازتان، فيكون الكتاب بخطه فعلاً ولكن هناك نسختان منه، وهذا حدث مع الشيخ زين الدين العراقى فى بعض كتبه، فلا مفر من أن نغير بناء على قرائن فهمنا منها أن هذه هى النسخة الأخيرة، وهذه هى الأولى.
لكن كما قلت لا نستطيع أن نرسى قاعدة عامة لكل المخطوطات، فأنا أتصور أن كل مخطوط بعد قراءته ومع توافر نسخه يمكن أن يكون له حلول موضعية، مع كل موضع توجد فيه حلول موضعية تبعًا لذلك. ومشكلتنا الآن أن من يدخل فى التحقيق بدون خبرة سابقة ويدخل فى أى كتاب يريد، طالما أن كتابًا نزل باسمه فى السوق صار عالمًا متخصصًا فى التحقيق لا ينازعه فيه أحد، وهذا هو الأمر الذى يشوش على جهود المخلصين والعلماء العاملين، ومن يسأل الآن وخاصة الأخوات قد عانين صنعة التحقيق، ونتمنى أن يكون هذا هو المبدأ : أن نتأكد أولا ثم يكون لكل كتاب لوزامه، والله الموفق.
***
المداخلة السادس : أ.د الشريف حاتم بن ثابت العونى
أستاذ علم الحديث بجامعة أم القرى ، وعضو مجلس الشورى السعودى
أنا سأختم بهذه المداخلة تعليقًا على كلام الدكتور أحمد معبد الخاص بمسألة الخطأ، هل يُصَوَّبُ فى أصل الكتاب أم يُثبت الصواب فى الحاشية، فلا شك أننا نجد عند المحققين نظرتين كانتا السبب فى هذا الاختلاف الواضح فى هذه القضية:
1 - حرمة النسخة الخطية وإخراجها كما هى.
2 - إخراج الكتاب كما تركه المصنف، وهو غير حرمة النسخة الخطية إذا لم تكن بغير خط المؤلف.
فالاختلاف فى مراعاة الأمرين هو الذى أوجد الخلاف فى هذه القضية.
وهناك أمر آخر، وهو وضوح الخطأ وخفاؤه، فكلما كان الخطأ واضحًا كان ذلك أدعى لوضع الصواب فى الأصل ووضع الخطأ فى الحاشية، وكلما كان الخطأ خافيًا كلما كان أَدْعَى لإبقاء النص كما هو ووضع التعليق فى الحاشية.
وقدرة المحقق العلمية تدخل فى هذا الموضوع، فطلبة الماجستير والدكتوراه مثلاً نطلب منهم أن يتركوا النص كما هو، ولا يتدخلون فى هذه النسخة الخطية فيسيئوا. بخلاف المحقق العالم القادر على إدراك الصواب من الخطأ، ويكون الفرق بين الخطأ وغيره بَيِّنًا، فبالتالى يسمح له ما لا يسمح لغيره. فالطالب نطلب منه أن يخرج لنا النسخة الخطية كما هى، وهو إنجاز بالنسبة له، مع التعليق فى الحاشية بما يراه، إلا إذا كانت الأخطاء واضحة.
وبمناسبة ذكر الأخطاء الواضحة أذكر ما وجدناه فى الطبعة القديمة من لسان الميزان: عند ذكر أحد الرواة : [روى عنه أبو خليفة. وهو الفضل بن الحباب أحد العلماء المتأخرين من شيوخ ابن حبان].
ولكنه تصحف فى النسخة إلى : أبو حنيفة. فأضاف الطابعون للكتاب [رضى الله عنهم]. على أنه أبو حنيفة الإمام المشهور صاحب المذهب. وهذا يتكرر ولا شك.
أيضا هناك تعليق أخير فى قضية الفرق بين المتن والإسناد، فأقول إن المتن لا يكون مقدسًا إلا إذا كان إسناده صحيحًا، لذا فالتفريق بين المتن والإسناد يحتاج إلى رابط إضافى، وهو أن يكون المتن ثابتًا عن النبى صلى الله عليه وسلم. أما إذا كان المتن موضوعًا مكذوبًا فلا يكون المتن مقدسًا وبالتالى قداسة المتن مرتبطة بصحة السند، ففى كثير من الأحيان لا نستطيع أن نفرق بين أهمية المتن وأهمية الإسناد، فإن المتن لا يكون مقدسًا إلا إذا كان السند صحيحًا، لذا نحرص على قداسة السند - إن صح التعبير - لأنها هى التى تؤدى إلى قداسة المتن فى كثير من الأحيان، وإن كان ما ذكره الدكتور فيصل صحيحًا بخصوص المتن إذا كان ثابتًا صحيحًا عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الأسانيد مُعَضِّدة مُقَوِّية لهذا المتن، أى من طرق أخرى، فعندئذ سيكون المتن أهم من السند، وكلاهما مهم ولا بد أن يخرج كما هو، ولكن فى بعض الأحيان لا يستطيع التفريق.
العودة لصفحة المؤتمر